كنز الرصافة في الحفظ والصون

شركة الهند الشرقية إسم لثلاثة شركات أجنبية، جميعها تأسست في زمن متقارب (1600م) أقدمها شركة الهند الشرقية اﻹنجليزية، ثم الهولندية فالفرنسية..هذه الشركات الثلاث كان لها أهداف واحدة مشتركة إقتصادية، سيايية فكرية، وكان للشركة الإنجليزية مقر كبير في لواء اسكندرون، عبر هذا المقر قدم إلى سورية والعراق مجموعة من الرحالة والمستشرقين، منهم على سبيل المثال ﻻ الحصر الرحالة اﻹنجليزية (الليدي آن بلنت) والأمريكي( وليم بروك) والحملة اﻹنجليزية الشهيرة، التي كانت تضم مجموعة من الرحالة الذين جاؤوا إلى سورية في عام (1691م)، حيث توجهوا من حلب إلى تدمر وأثناء المسير ليلا تاهوا في البادية السورية، وفي أحد الليالي وسط ظﻻم دامس من المسير المضني، ومع مطلع شمس اليوم التالي وجدوا أنفسهم أمام أسوار قديمة عمﻻقة مبنية من حجر كلسي براق، ومن خﻻل الخرائط المزودين بها عرفوا أن هذه هي مدينة الرصافة اﻷثرية، حيث عملوا لها رسومات وخرائط، ومنذ ذلك الحين اعيدت الرصافة إلى الأذهان في العصور الحديثة.. ظلت الرصافة مهملة منسية حتى عام (1952م) ، حيث باشرت بعثة ألمانية بالتنقيب الأثري فيها تحت إشراف كل من "سبانز و سار"، وبعد أقل من عشرين عاما من التنقيب الأثري، عثرت البعثة الأثرية المنقبة في عام(1981م) على خمسة اوان مصنوعة من الفضة، كانت موضوعة ضمن جرة فخارية كبيرة، كان في داخلها كنزا كنسيا، في بادئ الأمر نظفت الأواني الفضية وعولجت فنيا في المخبر الفني التابع للمديرية العامة للأثار والمتاحف بدمشق، ثم أرسل الكنز إلى متحف "بون "بألمانيا وانتهى الترميم في عام(1988م)، حيث أعيد الكنز إلى دمشق. يعود تاريخ
الكنز إلى القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميﻻديين ، وأواني الكنز الفضية عليها زخارف في غاية الجمال الفني مع كتابات بالخط السرياني الذي هو أقرب الخطوط إلى الخط والكتابة العربية وهذا الكنز الثمين يدل على قوة الصﻻت الفنية بين الشرق والغرب في تلك الفترة، ويدل أيضا على مدى تقدم صناعة التعدين في ذلك الزمن، وبناء على اقتراح مدير أثار الرقة تم عمل نسخة فنية طبق الأصل للكنز أرسلت إلى متحف الرقة مع فترين من خشب الجوز، وبقيت النسخة الأصيلة معروضة في قاعة الرقة بالمتحف الوطني بدمشق حيث شاهدها ملايين الزوار، أما نسخة متحف الرقة غير الأصلية فقد نهبت مع
الفترين..الخسارة في فترين الجوز والحمد لله الكنز الأصيل في الأمان..الله يارقة الخير

الباحث محمد العزو