رقة الرشيد أو مدينة الرشيد

هي المدينة التي بناها الرشيد خارج اسوار الرافقة وتقع مدينة الرشيد إلى الشمال الغربي من الرقة البيضاء وإلى الشمال من الرقة السوداء والرافقة، وتسمية مدينة الرشيد تسمية معاصرة أطلقها اﻵثاري/دونان/، ويسميها/ياقوت الحموي/ بالرقة الوسطى (معجم البلدان جزء،4)، بقايا أثارها كانت حتى وقت قريب مرئية، تمتد من جسر الدرعية في غرب الرقة حتى نهاية مقبرة تل البيعة شرقأ، بأبعاد تقدر(3×4كم)، بينما المرحوم الراحل مصطفى الحسون يقول؛ إن اﻷبعاد الحقيقية للمدينة(4×5كم)، وتشير التنقيبات اﻷثرية إلى أن اللقى والكسر الفخارية والزجاجية وكذلك الجرار الخزفية الملونة المكتشفة، أن مكان هذه المدينة الكبيرة قسم منه يقع أسفل المباني العشوائية لحي رميلة، وقسم تحول ألى أرض زراعية تروى من الفرات والبليخ، ويقول المؤرخون ومنهم/ ياقوت الحموي/ أن الرفة البيصاء ورقة الرشيد، أخذتا بالخراب منذ القرن العاشر الميﻻدي، وأن الرافقة هي المدينة الصاعدة وهي التي أخذت تحمل إسم ومكان الرقة..وتوسع رقة الرشيد باﻹتجاهات اﻷربعة أكمل إمتداد الرقة القديمة وضواحيها،وقد رافق هذا التوسع إزدياد كبير في عدد السكان. كانت هذه المساحة من اﻷرض قبل التوسع الجديد في السكن العشوائي، تضم أكبر مجموعة من اﻷطﻻل الدارسة لﻷثار اﻹسﻻمية في الشرق اﻷدنى، لكن ما حدث من إهمال وتجاوزات، جعل من غير الممكن إجراء تنقيبات أثرية،كانت كفيلة بإماطة اللثام عن الكثير من آثار الفترة العباسية التي يندر مثيلأ لها في بﻻد الشام، وأنها البقعة الوحيدة في العالم التي تحوي في ثناياها أسرار وخفايا عصر هارون الرشيد المجيد، لكن لﻷسف الشديد الفساد واﻵلة أزاﻻ هذه المدينة التي شيدها الخليفة الرشيد حوالي سنة (180هح=797م)، وبعد أن إكتظت الرافقة بالسكان، ولم تعد تستوعب المجتمع الجديد المتزايد أيام الرشيد، بدأ الرشيد ورجال بﻻطه ببناء القصور الواسعة الضخمة، وبناء الفلل واﻷبنية الفخمة له ولوزرائه وحاشيته وأمراء البرامكة، وكانت هذه المباني وهذه القصور مزودة بكل وسائل الرفاهية والراحة والترف مثل الحدائق الغناء وميادين سباق الخيل وحقول الصيد ومﻻعب الصولجان وموانئ السفن والحراقات الشهيرة في عصر الرشيد، وحينها أصبحت الرقة من المدن اﻷربعة الجميلة في الدنيا آنذاك بلغت الرقة في هذه الفترة أكبر إتساع لها، فالصور الجوية القديمة التي التقطها/ هرتز فيلد/والحديثة من أعمال وتصوير المديرية العامة لﻷثار والمتاحف، أظهرت مدى إتساع المدينة القديمة، وقد قدر علماء اﻷثار والتاريخ مساحتها ب(150كم)وبعضهم قال ربما كان الرقم أكبر من ذلك، فقد مﻷت مساحة واسعة تمتد من مصب البليخ حتى الفرات في الغرب..لقد نشطت الرافقة نشاطا ملحوظأ، حيث أدت المشروعات اﻹصﻻحية فيها إلى تطور الزراعة من حولها، وزودت اﻷراضي الزراعية بالجداول الصعيرة والسواقي، فأصبح من حولها عبارة عن بساتين وحدائق غناء، وأصبحت جنة وقبلة الشعراء واﻷدباء، وأخذت المدينة تعج بالناس، فضاقت بهم أسوار المدينة القديمة، فبدأ الرشيد ببناء قصور جديدة خارج اﻷسوار، مثل "قصر السﻻم"و"قصر الخشب" والقصر اﻷبيض، ويرى بعض العلماء ان هذا القصر هو نفسه قصر السﻻم ويقول المؤرخون أن الرشيد شرع ببناء قصر هرقلة، لكنه سافر إلى بغداد وتوفي في مدينة طوس بفارس (مشهد)عام(193هج 809م)ولم يكمل بناء القصر، غير أن دراسة المصطبة التي شيدت كي يبنى عليها القصر، إنشائيأ تشير إلى أنها شيدت في العصر اﻷموي، وشرع أيضأ اﻵمراء والوزراء وكبار رجال الدولة يبنون القصور والفيﻻت الفارهة إلى الشرق والشمال من المدينة (ياقوت الحموي، معجم البلدان الجزء السابع 7)، واتصلت رقة الرشيد بالرافقة وبالرقة البيصاء القديمة التي توسعت باتجاه الشرق وتوسع رقة الرشيد بهذا الشكل الكبير ،ما كان ليحدث لوﻻ مساهمة وعطاءات الرشيد من إقطاعات لﻹمراء وقواد جيشه ووزرائه مساحات واسعة من اﻷرض، كي يشيدوا عليها أبنية من قصور ودور واسعة، إضافة إلى ذلك مكانة الرقة من الناحية العسكرية في ذلك العصر،فهي كانت مركزأ لتجمع القادة والجيوش لحرب الصائفة، لقربها من الثغور الرومية، ويستدل على ذلك من خﻻل قصور الرشيد وحاشيته، إذ نجدها جميعأ من الناحية المعمارية محاطة بأسوار عالية مدعمة بأبراج دائرية، وبعضها لها سوران، وقصور رقة الرشيد التي تم التنقيب فيها منذ عام(1944م) كثيرة، وكل جدرانها كانت ظاهرة للعيان بإرتفاع متر و مترين، ولﻷسف الشديد جميعها أزيلت بألة التركس الحديثة أمام مرأى الجميع..رقة الرشيد كانت واحدة من أهم المدن الحضرية في العصر الوسيط، كانت مدينة عظيمة تليق بالخليفة الرشيد ومكانته آنذاك، ولكي تواكب أحﻻم الخليفة، كان ﻻبد من أن تتوفر فيها العناصر المدنية الحديثة الضرورية لكل متلطبات حياة المجتع العصري الصاعد الجدبد، ولهذا كله نجد أن الرشيد جلب الماء لمدينته الرقة من الفرات والبليخ والخابور واشترى الماء من إقليم سروج البعيدة، إذ نجده جلب إليها الماء عبر قناة النيل القديمة التي جددها في عصره، من نهر الفرات من موضع يبعد عن الرقة(17كم)غربأ، وفي سبعينيات القرن الماصي كانت أثار هذه القناة كانت واضحة أكثر من اليوم،وقبل أن تقوم أﻻت الحفر الحديثة بجرف الآتربة والبقايا المعمارية من رقة الرشيد، كنا نشاهد آثار هذه القناة تجري فيها المياه بين بقايا قصور وأبنية مدينة الرشيد أثناء نزول المطر، وقد ذكر الصنوبري قناة النيل
بقوله:
وقت ذاك البليخ يد الليالي
وذاك النيل من متجاوربن
وكانت هذه القناة تروي اﻷراضي الزراعية المحيطة بالرقة من جهتي الشرق والشمال الشرقي، وكذلك تروي بساتين رقة الرشيد الواسعة وتزود القناة المحيطة بسور الرافقة وجامعها الكبير..أما قناة سروج، فكان في نهاية ستينيات القرن الماضي يشاهد مقاطع طويلة منها قادمة من الشمال الغربي، وكان مرئيأ منها المقطع الذي يختلط بقناة النيل، ويذكر المرحوم/عبد القادر عياش في كتابه "مدن فراتية" أن ابن العبري قد ذكر في حوادث سنة( 173هج/790م): (..ارتحل الرشيد من بغداد إلى الرقة، يريد اﻹقامة فيها، فزاد في عمارتها، وغرس في ضواحيها جنائن كثيرة وجلب لهأ نهرأ من الفرات، ونهرأ ثانيأ من سروج، وقد اشترى مياه قرى سروج من أصحابها، واحتفر نهرأ جديدأ)(عبد القادر عياش، مدن فراتية).وهذه القناة مع قناة النيل أمنتا القدر الكافي من المياه ﻹرواء اﻷراضي الزراعية في محيط مدينة الرقة.ظلت رقة الرشيد عامرة زاهرة حتى عام(809م)وهو العام الذي سافر فيه الرشيد إلى بغداد، حيث توفاه لله في مدينة طوس بفارس، ومن حينها بدأ الخراب يدب في مدينة الرشيد رحمه الله.. الباحث محمد العزو

تعليقات

المشاركات الشائعة