الرقة في عصر هارون الرشيد
حبذا الرقة دارا وبلد
بلد ساكنه ممن تود
ما رأيت بلدة تعدلها
ﻻ وﻻ أخبرنا عنها أحد
إنها برية بحرية
سورها بحر وسور في الجدد
تسمع الصلصل في أشجارها
هدهد البر ومكاء غرد
لم تضمن بلدة ما ضمنت
من جمال في قريش وأسد
هارون الرشيد بن محمد المهدي،ولد بمدينة الري سنة/145هج/ ،وفي عهد والده المهدي كان أميرأ للصائفة، وفي سنة/164هج/واليأ على المغرب كله، وفي سنة/166 / كان وليأ للعهد،وفي سنة/170 هجري/ ،/786م/بويع بالخﻻفة، وتوفي وهوخليفة سنة/193هج / = /808م/ من المؤسف والمؤلم جدأ أن نقرأ ونسمع من البعض ممن تحدثوا عن الخليفة هارون الرشيد،بأن الفترة، التي قضاها الرشيد في الخﻻفة،هادئة وناعمة،بل على العكس من ذلك كانت مليئة وزاخرة بجﻻئل اﻷعمال في داخل الدولة وخارجها، ولم يكن الرشيد ذلك الرجل الذي صوره بعض الحاقدين، بأنه كان منصرفأ إلى اللهو واللعب، ولم يكن بالمنشغل عن دولته إلى المتع والملذات،بل يحج عامأ ويغزو عامأ ، وكان يكثر من الصﻻة والسجود ليﻻ، وحين تولى الخﻻفة عمل جادأ على تخفيف اﻷعباء المالية عن المواطنين،ولذلك جهد في إقامة العدل و"رد المظالم" وعمل جاهدأ على إنتعاش الحياة اﻹقتصادية على كامل أرض الخﻻفة وأطال في البنيان وازدهرت العلوم والفنون بكل أشكالها،وتمتع الناس بالرخاء والرفاهية، وساد اﻷمن في أرجاء الخﻻفة،وآنفقت أموال طائلة لتطوير المدن والبلدات والقرى، وقام رجاﻻت الدولة وكبار رجال اﻷعمال، في إقامة المشروعات اﻹنمائية كشق اﻷقنية وحفر الترع واﻷنهار"وبناء الحياض،وتشييد المساجد وإقامة القصور،وتعبيد الطرق، وكان للرقة وافر من العناية واﻹهتمام ،حتى أصبحت في عصره سبع مدن كما يقول الراحل اﻷستاذ مصطفى الحسون، وفي مقارنة بين فترة الرشيد وفترة حكم جده المنصور،نجد آن الناس كانت مرفهة أيام الرشيد أكثر لما كانوا يلقونه من بعض الشدة أيام الخليفة المنصور، حتى أنه أي الرشيد أصدر عفوأ لكثير من المساجين ممن كانوا في السجون أيام المنصور وابنه المهدي ،ووصلت الخﻻفة إلى أفخم درجاتها صولة وسلطانا وثروة،وكانت حضارة الرقة جزءأ من هذه الحضارة الراقية في عصر الرشيد،رعاها وغذاها حتى اودهرت وأثمرت علمأ وأدبأ وعمرانأ وثراءأ، ورغم كل هذا اﻹزدهار المشرق إﻻ أن عهد الرشيد لم يكن يخلو من بعض المشاكل والفتن"والرقة كما هو معلو مركز للخوارح في كل أنحاء الجزيرة" فهؤﻻ كانوا يعملون في الخفاء"[ ولم يستطع اﻷمويون والعباسيون افناء روحهم الثورية حتى يظهر منهم ذو مقدرة]وأشدهم بأسأ أيام الرشيد" الوليد بن طريف الشاري"وكان للوليد اتصال بالرقة ومنطقتها،كما أن الرشيد كان قلقأ من اﻷخطار في المشرق،ومشاكل البرامكة وغيرها من المشاغل والمشاكل التي شغلت الخليفة واتصلت بالرقة...كل تلك اﻷمور وخاصة سيطرت العناصر اﻷعجمية على مراكز متقدمة في بغداد،جعلته ينقل العاصمة من بغداد إلى الرقة حتى نهاية حكم الخليفة المتقي سنة/333-329هجري/وكان اتصال الرشيد بالرقة في ريعان شبابه،من أيام كان والده مشرفأ على بناء الرافقة،حيث كان يوليه مهامأ خاصة بوﻻية العهد ، وكان يغزو بالصائفة عن طريق الرقة وهو ولي عهد، واتصل بها اتصاﻻ وثيقأ في بداية خﻻفته، وكانت أحب المنازه إليه المهني والمري وهما قناتي ونهري واسط الرقة، وكان متعلقأ بهما وهو وليأ للعهد،وحدث أن طلب موسى من أخيه هارون أن يتنازل طائعأ عن وﻻية العهد ﻹبنه جعفر بن موسى الهادي مقابل وعد منه يكفل له خيرأ وماﻻ ،وكاد الرشيد يوافق على ذلك،إلا أن مستشاره منعه وشجعه على التمسك بحقه بالخﻻفة،ولكن موسى الهادي ما زال يﻻحق الرشيد ووعده بأن يعطيه الهني والمري مقابل موافقته على التنازل عن الخﻻفة،وماذأ كان موقفه من ذلك؟في البدايا استشار يحيى البرمكي الذي قال له ﻻ تفعل ذلك، فقال له الرشيد:إذا حصلت على الهني والمري وخلوت بابنة عمي"يعني ست زبيدة" فلا أريد شيئأ، فقال له يحيى:" وأين هذا من الخﻻفة؟ ولعل ما تقدر انه يبقى لك ﻻيبقى" وما زال به حتى أقنعه وعادالرشيد عن قراره بالتنازل عن الخﻻفة ﻹبن أخيه..الرشيد أحب الرقة كثيرأ،وأهلها أحبوه وعندما دخلها قام بأعمال جليله فيها،فقبل كل شيئ،اعتنى بأمر الزراعة في جميع النواحي والبلدات وتوسيع نطاقها،وأمر بعزر المياه في نهر البليخ وإقامة بعض السدود عليه وبناء الجسور والقناطر، وحفر الترع والجداول،وإقامة شبكة وصل بين اﻷنهأر،وأمر بوضع ديوان خاص باﻷعمال اﻻصﻻحية، وقال أبو الفرج الملطي بكتابه "تاريخ الدول السرياني" عام /790م/ ارتحل هارن من بغداد إلى الرقة يريد اﻹقامة فيها فزاد في عمارتها وغرس في ضواحيها جنائن كثيرة وجلب وجلب لهارنهرأ من الفرات《وهذا النهر مكان القناة التي حفرها الملك حمورابي في اﻷلف الثاتي ق.م وطوله/17كم /وكان هذا النهر يزود الخندق الذي يطوق أسوار الرافقة بالماء،كما أن اﻷراضي الزراعية الواقعة شمال شرقي الرقة كان سقيها من هذا النهر》ونهرأ ثانيأ من سروج وقد اشترى مياه قرى سروج من أصحابها واحتفر لها نهرأ جديدأ وهذا النهر يسمى قناة النيل، ولهذه القناة صورة ملتقطة من الجو بالكربون المشع /14/ وتبدو هذه الصورة واضحة المعالم بشكل جيد،إﻻ أن آﻻت الحراثة الحديثة أزالت معالمها...كما اعتنى الرشيد بالصناعات في اﻷقاليم المختلفة، واقام محطات استراحة وحراسة على الطرق التجارية،والطرق الموصلة بين المدن،وقام الرشيد باﻹنتقال إلى حي الرشيد الجديد خارج أسوار الرقة، وهذا الحي أصبح فيما بعد مدينة الرشيد أبعادها /3×4 كم/ هذه المدينة تتوصع اليوم أسفل منازل حي رميلة،وتسمى في صحف اﻵثار منطقة القصور العباسية،ﻷن الرشيد شيد مدينته جلها من القصور وخاصة قصر السﻻم،ويسمى اليوم بالقصر اﻷبيض"إلى الجنوب من سوق الغنم" وفي هذا القصر الذي يطل على الفرات جنوبأ،أنشد في قاعاته وأبهائه أجمل الشعر وأجزله وأفخمه.. قال أحمد بن يسار الجرجاني《دخلنا يومأ على الرشيد بالرقة وقد فرغ من قصره اﻷبيض أنا والتميمي بن محمد وأبن رزين أشجع "السلمي"فأنشده التميمي قصيدة يذكر فيها نفغور ووقعة ببﻻد الرومف فكان كأنما ينثر به درأ، ثم أنشده أشح قصيدة يقول فيها:
قصر عليه تحية وسﻻم
نشرت عليه جمالها اﻷيام
قصر سقوف المزن دون سقوفه
فيه ﻻ عﻻم الهدى اعﻻم
وكان الرشيد متكئأ فاستوى جالسأ ودنوت أنا فأنشدته بعد أشجع وقلت :
زمن بأعلى الرقتين فصير
لم يثنه للحادثات غرير
ﻻ تبعد اﻷيام إذ زمن الصبا
غض وإذ غضن الشباب نضير
فأعجب بشعري وقال: قل للمغنين ان يعملوا ألحانأ في هذه القصيدة وأقام الرشيد ميادين سباق الخيل، وأكبر مضمار لهذه الرياضة يقع بين الرقة البيضاء والرافقة،ومضمار آخر في الرصافة التي نالها نصيب من العناية واﻹصﻻح،كما أن الرشيد أمر بتزويد هذه القصور بكل وسائل الراحة والترف كميادين سباق الخيل ومﻻعب الصولجان و"الحوري"في أيامنا هذه هي لعبة "الهوكي على العشب" ويقول الدكتور "جومرد"وأكثر الرشيد من حقول الصيد وموانئ السفن والحراقات ، والحدائق المزدهرة على ضفاف الفرات، وفي الضواحي كالصالحية وبطياس وغيرها 》.وأصبحت الرقة في عهده ﻻ مثيل لها ﻻ في قريش وأسد، لذلك كان الرشيد يتوق إلى هوائها العليل في الصيف، ويقول أحد الشعراء أن هواء الرقة ليﻻ أعذب من نسيم الصبا وقصر السﻻم أو القصر اﻷبيض، يعتبر من أكبر القصور وأفخمها وقد قامت بعثة أثرية ألمانية-سورية مشتركة بالتنقيب في منطقة القصور العباسية، وهي التي عثرت على بقايا وأساسات القصر اﻷبيض بإرتفاعات مختلف لجدر القصر،وعثر المنقبون على اﻷطر الجصية مثبتة على عضائد القصر وهذه اﻷطر عبارة عن مجسمات معمولة من الجص تمثل تفريعات نباتية كعناقيد العنب وأوراقها وأشكال أخرى مستمدة من الطبيعة،منفذه بإسلوب واقعي ينتفي فيها البعد الثالث(البرسبكتيف)،ولهذا القصر أبعاد طوﻻ يتجاوز ال/200متر/ والعرض غير معروف،وقد تم ترميم المساحة المكتشغة من القصر بإرتفاع ثﻻث أمتار،ودهن كله باللون اﻷبيض والمساحة المكتشفة مثل صاﻻت اﻹستقبال مستطيلة الشكل اتجاه شمال جنوب وعددها ثﻻث صاﻻت بعرض/50م/وجميع جدرانها مزينة باﻷطر الجصية ذات الزخارف النباتية المحورة عن الطبيعة ،هذه الصاﻻت الثﻻث مع فسحة القصر الجنوبية تطل على نهر الفرات،وعند نهاية هذه الصاﻻت في الجهة الشمالية فسحة كبيرة تكتنفها مطابخ القصر أما اﻷجزاء المتبقية من القصر لم يتم الكشف عنها لحينه،وألى الشمال من القصر اﻷبيض يقع قصر المعتصم الشهير، وسيتم الحديث عنه ﻻحقأ، وهناك مجموعة كبيرة من القصور البعض منها اكتشف لكن لﻷسف الشديد أزيلت بواسطة اﻷليات الحديثة بعلم بلدية الرقة آنذاك(سبعينيات القرن الماضي)وقد عملت دائرة آثار الرقة جهدها للحفاظ على هذه اﻷثار، لكن القرار خرج من يدها،واﻵن هذه القصور وخاصة قصر المعتصم يشتم رائحة روث سوق الغنم"الماكف" الذي تقع تحته مباشرة آثأر قصر المعتصم. وقبل أن ينتقل الرشيد من بغداد إلى الرقة،كان يهرب إليها من شدة الحر صيفأ في بغداد،وكان يستعذب هواء الالا صيغأ،ﻷنها كانت ألطف مناخأ من بغداد وباقي مدن الخﻻفة ،وكان يحب ويغضل اﻹستراحة في الرقة في طريقة أثناء يحج وحين يغزو..وإذا ما أخذنا بعين أﻹعتبار عامل الطقس والجو في الرقة المحببين للخليفة، مما جعله يتخذ من الرقة مقرأ له فهناك أبضا أسباب أخرى،حيث أن مجيئه كان أيضأ ﻷغراض عسكرية، وسياسية ،ودينية،وقومية وعندما يكون في غزوة كان يريح فيها جيشه ويمونه منها..ومن الرقة كان الرشيد يشرف على الجزيرة التي تعتبر من أهم مراكز الخوارج منذ أن خرجوا على اﻹمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه..ومما كان الرشيد بخشاه أيضا حركة الطالبيون، الذين ما زالو متطلعين إلى الخﻻفة. حيث تأسست أول دولة للعلويين في المغرب اﻷقصى"دولة اﻷدارسة"، التي أسسها"ادريس بن عبدالله".. وفي عهد الرشيد توسعت الرفة حتى أصبح عدد سكانها مليون نسمة ويقول اﻷستاذ مصطفى الحسون رحمه الله في كتابه(تاريخ الرقة في العصر اﻹسﻻمي)،كانت الرقة في زمن الرشيد تتكون من سبعة مدن هي،الرقة البيضاء ،والرافقة، ورقة واسط،والرقة السوداء"مكان حي الصناعة"،ورقة الرشيد،والرقة السمراء التي أسسها اﻵراميون قبل الميﻻد،وفي العصر اﻷموي نشطت وكان شربها من البليخ الذي ينبع من عين الذهبانية"عين العروس" ،وسميت بالسمراء لكثرة أشجارها.ﻷن الغابة عن بعد تبدو للناظر سمراء أو سوداء، ولذلك قالت العرب سواد العراق لكثرة أشجاره وخضرته، والرقة الحمراء التي تقع إلى الشرق من الرقة السمراء، وعاش فيها الكاتب عبد الحميد الكاتب،وما زالت بقايا سور المدينة الحنوبي واضحة للعيان وهي اليوم تتشكل من أربع قرى كبيرة فبها عدة مزارع،وما زالت قرية حمرة غنام تحتفظ على مجموعة مدافن من العصر البيزنطي مشيدة من مادة الحجر الكلسي،وتسمى محليا بتلول نايل ولها ذكر في الشعر الشعبي وتظل الرفة تفتخر بماضيها المجيد وتارخها التليد،الذي يتمثل فيه تاريخ الجزيرة ﻷن الرقة من صميمهأ،بل هي قلبها النابض منذ أقدم العصور إلى اليوم..وللحديث عن تاريخ الرقة بقية
الباحث محمد العزو
بلد ساكنه ممن تود
ما رأيت بلدة تعدلها
ﻻ وﻻ أخبرنا عنها أحد
إنها برية بحرية
سورها بحر وسور في الجدد
تسمع الصلصل في أشجارها
هدهد البر ومكاء غرد
لم تضمن بلدة ما ضمنت
من جمال في قريش وأسد
هارون الرشيد بن محمد المهدي،ولد بمدينة الري سنة/145هج/ ،وفي عهد والده المهدي كان أميرأ للصائفة، وفي سنة/164هج/واليأ على المغرب كله، وفي سنة/166 / كان وليأ للعهد،وفي سنة/170 هجري/ ،/786م/بويع بالخﻻفة، وتوفي وهوخليفة سنة/193هج / = /808م/ من المؤسف والمؤلم جدأ أن نقرأ ونسمع من البعض ممن تحدثوا عن الخليفة هارون الرشيد،بأن الفترة، التي قضاها الرشيد في الخﻻفة،هادئة وناعمة،بل على العكس من ذلك كانت مليئة وزاخرة بجﻻئل اﻷعمال في داخل الدولة وخارجها، ولم يكن الرشيد ذلك الرجل الذي صوره بعض الحاقدين، بأنه كان منصرفأ إلى اللهو واللعب، ولم يكن بالمنشغل عن دولته إلى المتع والملذات،بل يحج عامأ ويغزو عامأ ، وكان يكثر من الصﻻة والسجود ليﻻ، وحين تولى الخﻻفة عمل جادأ على تخفيف اﻷعباء المالية عن المواطنين،ولذلك جهد في إقامة العدل و"رد المظالم" وعمل جاهدأ على إنتعاش الحياة اﻹقتصادية على كامل أرض الخﻻفة وأطال في البنيان وازدهرت العلوم والفنون بكل أشكالها،وتمتع الناس بالرخاء والرفاهية، وساد اﻷمن في أرجاء الخﻻفة،وآنفقت أموال طائلة لتطوير المدن والبلدات والقرى، وقام رجاﻻت الدولة وكبار رجال اﻷعمال، في إقامة المشروعات اﻹنمائية كشق اﻷقنية وحفر الترع واﻷنهار"وبناء الحياض،وتشييد المساجد وإقامة القصور،وتعبيد الطرق، وكان للرقة وافر من العناية واﻹهتمام ،حتى أصبحت في عصره سبع مدن كما يقول الراحل اﻷستاذ مصطفى الحسون، وفي مقارنة بين فترة الرشيد وفترة حكم جده المنصور،نجد آن الناس كانت مرفهة أيام الرشيد أكثر لما كانوا يلقونه من بعض الشدة أيام الخليفة المنصور، حتى أنه أي الرشيد أصدر عفوأ لكثير من المساجين ممن كانوا في السجون أيام المنصور وابنه المهدي ،ووصلت الخﻻفة إلى أفخم درجاتها صولة وسلطانا وثروة،وكانت حضارة الرقة جزءأ من هذه الحضارة الراقية في عصر الرشيد،رعاها وغذاها حتى اودهرت وأثمرت علمأ وأدبأ وعمرانأ وثراءأ، ورغم كل هذا اﻹزدهار المشرق إﻻ أن عهد الرشيد لم يكن يخلو من بعض المشاكل والفتن"والرقة كما هو معلو مركز للخوارح في كل أنحاء الجزيرة" فهؤﻻ كانوا يعملون في الخفاء"[ ولم يستطع اﻷمويون والعباسيون افناء روحهم الثورية حتى يظهر منهم ذو مقدرة]وأشدهم بأسأ أيام الرشيد" الوليد بن طريف الشاري"وكان للوليد اتصال بالرقة ومنطقتها،كما أن الرشيد كان قلقأ من اﻷخطار في المشرق،ومشاكل البرامكة وغيرها من المشاغل والمشاكل التي شغلت الخليفة واتصلت بالرقة...كل تلك اﻷمور وخاصة سيطرت العناصر اﻷعجمية على مراكز متقدمة في بغداد،جعلته ينقل العاصمة من بغداد إلى الرقة حتى نهاية حكم الخليفة المتقي سنة/333-329هجري/وكان اتصال الرشيد بالرقة في ريعان شبابه،من أيام كان والده مشرفأ على بناء الرافقة،حيث كان يوليه مهامأ خاصة بوﻻية العهد ، وكان يغزو بالصائفة عن طريق الرقة وهو ولي عهد، واتصل بها اتصاﻻ وثيقأ في بداية خﻻفته، وكانت أحب المنازه إليه المهني والمري وهما قناتي ونهري واسط الرقة، وكان متعلقأ بهما وهو وليأ للعهد،وحدث أن طلب موسى من أخيه هارون أن يتنازل طائعأ عن وﻻية العهد ﻹبنه جعفر بن موسى الهادي مقابل وعد منه يكفل له خيرأ وماﻻ ،وكاد الرشيد يوافق على ذلك،إلا أن مستشاره منعه وشجعه على التمسك بحقه بالخﻻفة،ولكن موسى الهادي ما زال يﻻحق الرشيد ووعده بأن يعطيه الهني والمري مقابل موافقته على التنازل عن الخﻻفة،وماذأ كان موقفه من ذلك؟في البدايا استشار يحيى البرمكي الذي قال له ﻻ تفعل ذلك، فقال له الرشيد:إذا حصلت على الهني والمري وخلوت بابنة عمي"يعني ست زبيدة" فلا أريد شيئأ، فقال له يحيى:" وأين هذا من الخﻻفة؟ ولعل ما تقدر انه يبقى لك ﻻيبقى" وما زال به حتى أقنعه وعادالرشيد عن قراره بالتنازل عن الخﻻفة ﻹبن أخيه..الرشيد أحب الرقة كثيرأ،وأهلها أحبوه وعندما دخلها قام بأعمال جليله فيها،فقبل كل شيئ،اعتنى بأمر الزراعة في جميع النواحي والبلدات وتوسيع نطاقها،وأمر بعزر المياه في نهر البليخ وإقامة بعض السدود عليه وبناء الجسور والقناطر، وحفر الترع والجداول،وإقامة شبكة وصل بين اﻷنهأر،وأمر بوضع ديوان خاص باﻷعمال اﻻصﻻحية، وقال أبو الفرج الملطي بكتابه "تاريخ الدول السرياني" عام /790م/ ارتحل هارن من بغداد إلى الرقة يريد اﻹقامة فيها فزاد في عمارتها وغرس في ضواحيها جنائن كثيرة وجلب وجلب لهارنهرأ من الفرات《وهذا النهر مكان القناة التي حفرها الملك حمورابي في اﻷلف الثاتي ق.م وطوله/17كم /وكان هذا النهر يزود الخندق الذي يطوق أسوار الرافقة بالماء،كما أن اﻷراضي الزراعية الواقعة شمال شرقي الرقة كان سقيها من هذا النهر》ونهرأ ثانيأ من سروج وقد اشترى مياه قرى سروج من أصحابها واحتفر لها نهرأ جديدأ وهذا النهر يسمى قناة النيل، ولهذه القناة صورة ملتقطة من الجو بالكربون المشع /14/ وتبدو هذه الصورة واضحة المعالم بشكل جيد،إﻻ أن آﻻت الحراثة الحديثة أزالت معالمها...كما اعتنى الرشيد بالصناعات في اﻷقاليم المختلفة، واقام محطات استراحة وحراسة على الطرق التجارية،والطرق الموصلة بين المدن،وقام الرشيد باﻹنتقال إلى حي الرشيد الجديد خارج أسوار الرقة، وهذا الحي أصبح فيما بعد مدينة الرشيد أبعادها /3×4 كم/ هذه المدينة تتوصع اليوم أسفل منازل حي رميلة،وتسمى في صحف اﻵثار منطقة القصور العباسية،ﻷن الرشيد شيد مدينته جلها من القصور وخاصة قصر السﻻم،ويسمى اليوم بالقصر اﻷبيض"إلى الجنوب من سوق الغنم" وفي هذا القصر الذي يطل على الفرات جنوبأ،أنشد في قاعاته وأبهائه أجمل الشعر وأجزله وأفخمه.. قال أحمد بن يسار الجرجاني《دخلنا يومأ على الرشيد بالرقة وقد فرغ من قصره اﻷبيض أنا والتميمي بن محمد وأبن رزين أشجع "السلمي"فأنشده التميمي قصيدة يذكر فيها نفغور ووقعة ببﻻد الرومف فكان كأنما ينثر به درأ، ثم أنشده أشح قصيدة يقول فيها:
قصر عليه تحية وسﻻم
نشرت عليه جمالها اﻷيام
قصر سقوف المزن دون سقوفه
فيه ﻻ عﻻم الهدى اعﻻم
وكان الرشيد متكئأ فاستوى جالسأ ودنوت أنا فأنشدته بعد أشجع وقلت :
زمن بأعلى الرقتين فصير
لم يثنه للحادثات غرير
ﻻ تبعد اﻷيام إذ زمن الصبا
غض وإذ غضن الشباب نضير
فأعجب بشعري وقال: قل للمغنين ان يعملوا ألحانأ في هذه القصيدة وأقام الرشيد ميادين سباق الخيل، وأكبر مضمار لهذه الرياضة يقع بين الرقة البيضاء والرافقة،ومضمار آخر في الرصافة التي نالها نصيب من العناية واﻹصﻻح،كما أن الرشيد أمر بتزويد هذه القصور بكل وسائل الراحة والترف كميادين سباق الخيل ومﻻعب الصولجان و"الحوري"في أيامنا هذه هي لعبة "الهوكي على العشب" ويقول الدكتور "جومرد"وأكثر الرشيد من حقول الصيد وموانئ السفن والحراقات ، والحدائق المزدهرة على ضفاف الفرات، وفي الضواحي كالصالحية وبطياس وغيرها 》.وأصبحت الرقة في عهده ﻻ مثيل لها ﻻ في قريش وأسد، لذلك كان الرشيد يتوق إلى هوائها العليل في الصيف، ويقول أحد الشعراء أن هواء الرقة ليﻻ أعذب من نسيم الصبا وقصر السﻻم أو القصر اﻷبيض، يعتبر من أكبر القصور وأفخمها وقد قامت بعثة أثرية ألمانية-سورية مشتركة بالتنقيب في منطقة القصور العباسية، وهي التي عثرت على بقايا وأساسات القصر اﻷبيض بإرتفاعات مختلف لجدر القصر،وعثر المنقبون على اﻷطر الجصية مثبتة على عضائد القصر وهذه اﻷطر عبارة عن مجسمات معمولة من الجص تمثل تفريعات نباتية كعناقيد العنب وأوراقها وأشكال أخرى مستمدة من الطبيعة،منفذه بإسلوب واقعي ينتفي فيها البعد الثالث(البرسبكتيف)،ولهذا القصر أبعاد طوﻻ يتجاوز ال/200متر/ والعرض غير معروف،وقد تم ترميم المساحة المكتشغة من القصر بإرتفاع ثﻻث أمتار،ودهن كله باللون اﻷبيض والمساحة المكتشفة مثل صاﻻت اﻹستقبال مستطيلة الشكل اتجاه شمال جنوب وعددها ثﻻث صاﻻت بعرض/50م/وجميع جدرانها مزينة باﻷطر الجصية ذات الزخارف النباتية المحورة عن الطبيعة ،هذه الصاﻻت الثﻻث مع فسحة القصر الجنوبية تطل على نهر الفرات،وعند نهاية هذه الصاﻻت في الجهة الشمالية فسحة كبيرة تكتنفها مطابخ القصر أما اﻷجزاء المتبقية من القصر لم يتم الكشف عنها لحينه،وألى الشمال من القصر اﻷبيض يقع قصر المعتصم الشهير، وسيتم الحديث عنه ﻻحقأ، وهناك مجموعة كبيرة من القصور البعض منها اكتشف لكن لﻷسف الشديد أزيلت بواسطة اﻷليات الحديثة بعلم بلدية الرقة آنذاك(سبعينيات القرن الماضي)وقد عملت دائرة آثار الرقة جهدها للحفاظ على هذه اﻷثار، لكن القرار خرج من يدها،واﻵن هذه القصور وخاصة قصر المعتصم يشتم رائحة روث سوق الغنم"الماكف" الذي تقع تحته مباشرة آثأر قصر المعتصم. وقبل أن ينتقل الرشيد من بغداد إلى الرقة،كان يهرب إليها من شدة الحر صيفأ في بغداد،وكان يستعذب هواء الالا صيغأ،ﻷنها كانت ألطف مناخأ من بغداد وباقي مدن الخﻻفة ،وكان يحب ويغضل اﻹستراحة في الرقة في طريقة أثناء يحج وحين يغزو..وإذا ما أخذنا بعين أﻹعتبار عامل الطقس والجو في الرقة المحببين للخليفة، مما جعله يتخذ من الرقة مقرأ له فهناك أبضا أسباب أخرى،حيث أن مجيئه كان أيضأ ﻷغراض عسكرية، وسياسية ،ودينية،وقومية وعندما يكون في غزوة كان يريح فيها جيشه ويمونه منها..ومن الرقة كان الرشيد يشرف على الجزيرة التي تعتبر من أهم مراكز الخوارج منذ أن خرجوا على اﻹمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه..ومما كان الرشيد بخشاه أيضا حركة الطالبيون، الذين ما زالو متطلعين إلى الخﻻفة. حيث تأسست أول دولة للعلويين في المغرب اﻷقصى"دولة اﻷدارسة"، التي أسسها"ادريس بن عبدالله".. وفي عهد الرشيد توسعت الرفة حتى أصبح عدد سكانها مليون نسمة ويقول اﻷستاذ مصطفى الحسون رحمه الله في كتابه(تاريخ الرقة في العصر اﻹسﻻمي)،كانت الرقة في زمن الرشيد تتكون من سبعة مدن هي،الرقة البيضاء ،والرافقة، ورقة واسط،والرقة السوداء"مكان حي الصناعة"،ورقة الرشيد،والرقة السمراء التي أسسها اﻵراميون قبل الميﻻد،وفي العصر اﻷموي نشطت وكان شربها من البليخ الذي ينبع من عين الذهبانية"عين العروس" ،وسميت بالسمراء لكثرة أشجارها.ﻷن الغابة عن بعد تبدو للناظر سمراء أو سوداء، ولذلك قالت العرب سواد العراق لكثرة أشجاره وخضرته، والرقة الحمراء التي تقع إلى الشرق من الرقة السمراء، وعاش فيها الكاتب عبد الحميد الكاتب،وما زالت بقايا سور المدينة الحنوبي واضحة للعيان وهي اليوم تتشكل من أربع قرى كبيرة فبها عدة مزارع،وما زالت قرية حمرة غنام تحتفظ على مجموعة مدافن من العصر البيزنطي مشيدة من مادة الحجر الكلسي،وتسمى محليا بتلول نايل ولها ذكر في الشعر الشعبي وتظل الرفة تفتخر بماضيها المجيد وتارخها التليد،الذي يتمثل فيه تاريخ الجزيرة ﻷن الرقة من صميمهأ،بل هي قلبها النابض منذ أقدم العصور إلى اليوم..وللحديث عن تاريخ الرقة بقية
الباحث محمد العزو
تعليقات