سوالف من عهد الخليفة هشام

عندما تولى هشام بن عبد الملك الخﻻفة سنة( 105 هجر ) كان مقيمأ في الرقة ، وفي عهده بلغت اﻹمبراطورية العربية اﻹسﻻمية أكبر توسع لها..هشام كان يهرب من الرقة إلى الرصافة من كثرة البعوض فيها ليلأ كونها تقع وسط خمائل غناء، وفي النهار كان يعود إليها، ففي رواحه من الرصافة إلى الرقة ومجيئه منها عبر طريق هشام الصحراوي المعبد المعروف، الذي كان يربط الرقة بالرصافة وأجزاء من هذا الطريق ما زالت ظاهرة للعيان، وهذا الطريق يبدأ من عند قرية "شويحان" شمال الرصافة قليلأ بإنحراف نحو الشمال الشرقي، مخترقأ الهضبة الكلسية الترابية التي تنتهي أطرافها الشمالية عند حدود قرية كسرة شيخ الجمعة الجنوبية، حيث فطن هشام إلى أنه بحاجة إلى محطة إستراحة ، فبنى رقة واسط قبالة الرقة البيضاء على الضفة الغربية اليمنى لنهر الفرات، وشيد فيها الهني والمري وقصور رائعة الجمال، ثم أن ركوب الطوفات والطرادات والسلل "الكفف" لعبور الفرات من الجهة الشامية إلى الجهة الجزرية لزيارة الرقة البيضاء كل يوم تقريبأ واﻹطﻻع على أحوال العامة وحضور سباق الخيل في مضمارها الشهير، أصبحت متعبة وشاقة ففكر ببناء جسر خشبي يربط رقة واسط بالرقة البيضاء، فأمر ببناءه من مادة الخشب المحلي والمجلوب بطريقة فنيه وعلمية، وجعل الطرف الغربي منه المواجه لتيار الماء وأمواجه مرتفعأ قليلأ مع إنحناء مجوف على طول الجسر ﻹمتصاص ضغط التيار واﻷمواج العاتية..كان بداية الجسر من الجهة الجزرية عند إلتقاء شارع الرشيد المنحدر حاليأ من حدرة المتحف مارأ من أمام منزل المرحوم شعبان الخضر بشاطئ الفرات، حيث جهز هذا الجنب برصيف حجري قوي ومتين، كما الجنب الشامي، وكانت السفن والطوفات المحملة بالبضائع القادمة من اﻷناضول وغيرها، تفرغ حمولتها عند الجسر وتحملها على سفن راسية شرقي الجسر..استمر استعمال هذا الجسر حتى العهد الحمداني، حيث دمر ونقلت أخشابه مع حديد الرقة إلى القرامطة في البحرين ..ظل هذا الجسر يخدم الرقة وارتباطها بمنطقة غربها مئات السنين وكان يشكل شريان الحياة ورئة المدينة، وذكر المرحوم "عبد القادر عياش" في كتابه(مدن فرأية، ط. دمشق.1984م) أن آثار وبقايا الهني والمري ورقة واسط كانت مرئية في بداية القرن العشرين، وفي صور جوية ملتقطة في عام(1906م) لكل من "سار" و"هرتزفيلد" يظهر فيها بقأيا تجويفات شرقي الطرف الجنوبي لجسر الرقة القديم قبل تشييده، تدل على آثار بقايا ميناء أو جسر مركب ، ومنذ القرن الرابع الهجري العاشر الميﻻدي حتى عام(1942م) "القرن العشرين م" ظلت الرقة بدون جسر يربط بين طرفيها الشامي والجزري، ففي العام اﻵنف الذكر بني الجسر القديم شاهد وذاكرة تكوين مدينة الرقة من جديد، ثم بني في عام(1969م) من قبل الدولة السورية جسرأ آخر ، لكن العيون والقلوب الشريرة والمتوحشة دمرت الجسرين وفقأ لمصالحهم الدنيئة..رحم الله هشام بن عبد الملك الذي جعل من الرقة رقات حمراء وسمراء وبيضاء وسوداء ..وربطهما برقة واسط وببساتين هشام عبر جسر هشام الذي استمر مئات السنين..لك النواصي البيض يا رقة الخير
الباحث محمد العزو

تعليقات

المشاركات الشائعة