الرقة في زمن الزنكيين"اﻷتابكة

اﻷتابكة كلمة تركية مركبة من لفظتين "أتا" وتعني أب أو مربي ، و "بك" وتعني سيد أو أمير ، وهذا لقب أطلقه السﻻجقة على الشخصيات اﻹعتبارية ، ورجال البﻻط ، والوزراء والقادة، ويعني القائد أو الحاكم العسكري،وفي القرن السادس الهجري، الثاني عشر ميﻻدي ، تمكن بعض القادة من اﻷتابكيين من السيطرة على السلطة في بﻻد فارس ، وفي بﻻد الشام ، وأشهر هؤﻻء القادة أتابكة أذربيجان ، وفارس ، وسﻻلة /يوري بن طغتكين في دمشق والزنكيون في الموصل والجزيرة الفراتية والشام ..وأتابكة بنو /يكتكين الدين/ حكموا ما بين ( 640-539) هجري الموافق ل(1233-1142م) ومؤسس هذه أﻷسرة هو/زين الدين علي كوجك بن يكتكين/أحد قادة/عماد الدين زنكي/في العقد الثاني من القرن السادس الهجري، قام السلطان /محمود بن ملكشاه السلجوقي/ بتولية /أقسنقر البرسقي/ على مدينة الرحبة أسفل مدينة الميادين ، الذي انطلق منها بحدود سنة(513هجر) بإتجاه الرقة حيث نزل وعسكر بمحيطها، وكان يهدف من وراء ذلك اﻹستيﻻء عليها بالقوة، لكنه لم يفلح، فعاد بأدراجه قاصدأ بغداد لمقابلة السلطان /محمود بن ملكشاه/يتوسله لمنحه المزيد من السلطة وتوسيع اقطاعية الرحبة له ..السﻻطين دائمأ ﻻيرفضون طلبا ﻷمراء الجيوش، لذا نجد السلطان/محمود/ قد أشغله مناصب أخرى فكان ما يريده ، وكان هذا هو مبتغاه ..تبعت الرقة والجزيرة الفراتية إلى عماد الدين زنكي/بعد وفاة والده/سنقر/إﻻ أن /عماد الدين/لم يهدأ له بال طالما الشام خارج سيطرته فاجتهد عليها وأخذها سنة(522هجر)،وبعد هذا التاريخ عاش أكثر من عشرين سنة، وفي عام(541هجر) قام / عماد الدن/ بمحاصرة قلعة جعبر وبعد أكثر من عشرين يوما من الحصار وجدوه في أحد الليالي مقتولأ في فراشه، ويقول المؤرخون أن من قتله كان حارسه الشخصي ودفن في مقبرة أويس القرني بالرقة، وأثناء محاصرته لقلعة جعبر كان معه في الرقة إبنه/نور الدين محمود زنكي/فذهب من الرقة إلى حلب بعد وفاة والده ، واستولى على حلب وأسس الدولة اﻷتابكية سنة ( 541هجر)ونور الدين زنكي ، هو الملك العادل أبو القاسم نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي ،مؤسس الدولة الزنكية ، ويعتبر من أعظم قادة المسلمين عدلأ ومحاربأ ضد الصليبيين، وهو الذي فتح الرها وأخذها من الصليبيين سنة (539 هج)=(1142م)ويقول المؤرخون .ان نور الدين سجل بطولة عطيمة في قتال الصليبيين، مما ترك أثرأ جيدأ في نغوس المسلمين، وكانت غارات الصليبيين مستمرة على الرقة وعلى الجزيرة ..كانت الرقة بعد وفات اﻷب/عماد الدين زنكي/تتبع للزنكيين بالموصل،وكان فيها/أميرك الجاندار / أحد أعيان أتابكة الموصل قبل مجيئ /نور الدين/ إليها سنة (557هجر) الذي سار إليها في تلك السنة من حلب إلى حران فالرقة ، وكان/أميرك/ قد توفي في الرقة وبقي أوﻻده فيها، ولما وصل/نور الدين/ الرقة حاصرها ونازل أوﻻد/أميرك/فانتصر عليهم وأخذ منهم الرقة، ثم أنه سار بعد الهدوء إلى حلب وعاد إلى الرقة سنة(563) هجرية ، واتجه منها شرقأ فملك منطقة الخابور ونصيبين وسنجأر والهول ..كان/نور الدين/ يعير اهتمامأ كبيرا في رعاية الوضع المعيشي للناس، لذلك في عهده انتعشت الحياة في الرقة ، واستعادت المدينة شيئا طيبأ من إزدهارها اﻹقتصادي الذي كانت تعرفه ، ولمعت شهرتها وسمعتها الطيبة ، وفي سنة (1166هجر) ، أمر/ نور الدين /بترميم مسجد المنصور ترميمأ كاملا، وبنى له المأذنة المستديرة التي ما تزال قائمة حتى اليوم ، وهي تشبه تماما ثﻻث مآذن أخرى مثل مأذنتي مسجد جعبر ومسكنة ومأذنة المسجد الجامع في أبي هريرة..وفي أعلى منتصف أقواس واجهة جامع المنصور لوحة مرمرية مسجل عليها حيثيات الترميم من عهد/نور الدين زنكي/..كان / لنور الدين أخأ إسمه/مودود/ملك الموصل، ففي القرن الثاني عشر قام/نور الدين/؛بتسليمه الرقة التي ﻻقت في عهده الكثير من اﻷذى والضرر ، وفقدت الكثير من شهرتها بسبب حوادث مفتعلة من قبل وطمع الطامعين بها ، وفي هذه الفترة تعرضت الرقة أيضأ للتخريب والنهب وأصابها حريق هائل ، إلى جانب ما أصابها من الكوارث الطبيعية بسبب فيضان نهر الفرات مما ألحق بها أضرار كبيرة ، نتيجة للفراغ الذي عرفته المدينة من عدم وجود سلطة تكافح هذه الكوارث التي سببها فيضان النهر ..أيضأ كانت هناك أسباب أخرى وراء ما ﻻقته الرقة من أضرار، وتمثل ذلك بضعف الكيان العربي في تلك الفترة بسبب الحروب الصليبية ، حيث أن هذه الحروب أحدثت اضطربات في الحياة اﻹقتصادية واﻹجتماعية ، مما انعكس ذلك سلبأ على كل جوانب الحياة في الرقة أكثر من غيرها بسبب إتصالها في كل من العراق والشام ..وفي عام(1258م) = (656هجر) احتل التتار سورية والعراق ،ودمروا كل المدن ومنها الرقة ، فشل الرعب أهلها نتيجة للقتل وقطع الرؤوس، (وتتكرر المأساة ذاتاها في الرقة بعد ثمانية قرون فما أشبه اليوم باﻷمس) مما جعلهم يهاجرون منها إلى المدن السورية اﻷخرى وإلى المدن المصرية .. وﻻقت الرقة في أغلب العهود التي عرفتها الكثير من اﻷذى والضرر ، لكن الحياة فيها دائمأ مستمرة ، ﻷنها كانت في جميع عهودها تحتال على الحياة بكثرة خيراتها ووفرة زراعتها وبتجارتها وصناعاتها المتمثلة بالمنتوجات الخزفية المزركشة باللون الفيروزي واللون اﻷزرق وباللون اﻷسود المذهب وذات الطﻻء المعدني اللماع ، الذي اشتهرت به الرقة ﻻسيما في القرون الثﻻث القرن الحادي عشر والقرن الثاني عشر والقرن الثالث عشر الميﻻدية ، وكانت هذه الصناعات تصدر إلى كل أنحاء العالم القديم وعثر على بقايا منها في الصين وفي بﻻد أخرى من أسيا وأفريقيا..في نهاية الربع الثالث من القرن السادس الهجري (569هجر) تبعت الرقة إلى /سيف الدين بن قطب الدين زنكي / بعد أن استولى عليها بالقوة لتتبع بعد ذلك إلى الدولة اﻷيوبية بعهد/صﻻح الدين اﻷيوبي/ الذي ظهر في كنف/نور الدين زنكي/سنة(567هجري
الباحث محمد العزو

تعليقات

المشاركات الشائعة