التعليم في مدينة الرقة بعد عام١٩٤٥م



بعد الإستقلال عرفت مدينة الرقة تطوراً ملحوظاً في بعض المفاصل الإدارية، إلا أن حركة التعليم للأسف الشديد لم تواكب التطورات التي حدثت في النواحي الأخرى آنذاك وكان بالإمكان مسايرتها وسبقها، وأسباب تعثر حركة التعليم كثيرة، منها أسباب رئيسة أولية، ومنها أسباب ثانوية، فتلك الأسباب الأولية الرئيسة، مثل العامل التاريخي أن الرقة مدينة نائية وتتبع لمحافظة أخرى وخارجة لتوها من براثن الإحتلال والإنتداب، وكذلك حالة التأخر في المجتمعات المتخلفة من عدم الإهتمام بالتعليم، ويرى بعض من كتبوا بهذا الموضوع بأنه من الأسباب الثانوية هو تقصير المتنورين من سكان الرقة في أن يتلافوه، يضاف إلى كل هذه الأسباب ان قانوناً غريباً كان آنذاك قيد التطبيق، هذا القانون يقضي بأن الدولة ملتزمة ببناء المدارس الإعدادية، التي كان يطلق عليها(الإكمالية) والمدارس الثانوية فقط، أما مدارس التعليم الأساسي الإبتدائي، التي هي الحجر الأساسي في التعليم، وهي أولى ما يحتاجه البلد المتاخر تعليمياً، وهذا القانون كان يعني أن بناء المدارس الإبتدائية يقع على عاتق الأهالي في كافة الأقضية مثل قضاء الرقة، وكان أن تؤمن نفقات بناء هذه المدارس عن طريق جباية ضريبة خاصة، تجبى بطريقة فيها من السوء وعدم الإهتمام، ما لا يحقق المردود المطلوب لمثل هذه الغاية وهو بناء مدارس إبتدائية.. كانت الرقة تمتلك مدرستان، مدرسة الرشيد الإبتدائية ومدرسة مستجد نكيب(المشلب)كونها جزء من مركز قضاء مدينة الرقة حسب التقسيم الإداري، ونتيجة لمساعي أهل المدينة وسبب ضيق المدرسة الوحيدة في بلدة الرقة آنذاك، قامت الدولة بتضمين موازنة عامي (١٩٤٨-١٩٤٩م) مخصصات لبناء مدرسة إكمالية وبعض المخصصات الأخرى لإتمام بناء بناء مدرسة خديجة الذي يعتبر من أضخم الأبنية المدرسية في مدينة الرقة حتى أيامنا هذه، هذا البناء في بداية الأمر كان مدرسة إبتدائية ثم بعد ذلك أصبح مقرإً لأول ثانوية في مدينة الرقة، واليوم كان يضم الإدرات التربوية في محافظة الرقة، إلا انه رغم تزايد أعداد المكملين للمرحلة الإبتدائية في مركز القضاء ونواحيه إلا أن الرقة ظلت تعاني من عدم وجود مدارس إعدادية وثانوية تمكن الطلاب من متابعة دراستهم، كان أهالي الرقة ممن لديهم إمكانات مادية يضطرون إلى إرسال أبنائهم إلى مدينة حلب لمتابعة تحصيلهم العلمي في مدارسها.. في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، اضطر الطلاب المكملين غير القادرين مادياً على متابعة الدراسة في معاهد حلب، من تشكيل وفد ذهب إلى دمشق لمقابلة وزير المعارف بخصوص فتح مدرسة إعدادية في الرقة، وكان رد الوزير أنه يأسف لأن موازنة الدولة لا نسمح بذلك لهذا العام، لكنه وعدهم بإصدار قرار بمنحهم منحة دراسية ل"٢٥" طالباً في كل من حلب ودير الزور على حساب الدولة لكامل المرحلة الإعداية ..لا نستغرب قلة عدد الطلاب المستفيدين من المنحة، فعدد سكان المدينة كان في عام (١٩٤٥م) (٤٥٠٠) نسمة.في عام(١٩٥٢م) اضطر المتنورون في الرقة من تلافي هذا النقص وهذا التقصير، فتم إفتتاح مدرسة إعدادية مكنت الطلاب من حملة الشهادة الإبتدائية من أبناء الرقة من نيل الشهادة الإعدادية، لكن ظلت المدينة محرومة من مدارس التعليم الثانوي حتى منتصف الخمسينيات. إن التطور العام لحركة التعليم في مدينة الرقة في فترة ما بعد الإستقلال ظل دون تطورات الحياه في المسائل الأخرى.. الباحث محمد العزو

تعليقات

المشاركات الشائعة