خراب "الرقة" في القرن الثالث عشر.ميلادي، السابع هجري..
في كتاب( الأعلاق الخطيرة) "لابن شداد" في العام /1280/م -/679/هجر.، ورد ذكر لحالة "الرقة" آنذاك يقول فيه:(..واستولى التتار على البلاد فخربوا الرقة، ولم يسكن بها أحد بعد ذلك..)"١"*- ابن شداد، الأعلاق الخطيرة، ج 3 ، أما "أبي الفداء"، فهو الآخر يؤكد لنا هذا الخراب حين يقول: (.. الرقة في زماننا خراب ليس بها أنيس)"أبو الفداء/1331-1273/م،.. ويبدو أن "الرقة" أثناء حرابها هذا في القرن الثالث عشر ميلادي، منتصف القرن السابع الهجري كانت تتبع لمملكة "حلب" الأيوبية زمن(الناصر يوسف الثاني) .. خراب "الرقة" هذا على يد "التتار" لم يكن فجائيا، بل سبقته بعض الأحداث المؤسفة من قبل الجند "الخورارزمية"، حيث دفعت "الرقة" حينها ثمناً باهضاً، وكان هذا الثمن هو خرابها على أيدي هؤلاء القتلة، فقبل قدوم "التتار" إلى المشرق العربي و"سورية" حصراً، قدم الجنود "الخوارزمية" من قلعة "الرحبة" بقوة قوامها عشرة آلاف من الجند، وَركٌَبوا جسرأً من السفن الخشبية على الفرات قبالة "الرقة"، وعبروا الفرات سنة/641/للهجرة بأتجاه "الرقة"، فعاثت الجنود الخوارزمية فساداً كبيراً في "الرقة" ومواضعها، (.. وما مروا بشيئ إلا نهبوه)"2"*- "النجوم الزاهرة"، (ابن ثغري بردي).. وخلال هذه الفترة العصيبة حل الكثير من المآسي والويلات في بلاد الشام على أيدي هؤلاء الجنود، ومثل هذه الأحداث الجسيمة في "الرقة" و"بلاد الشام"، فقد مهدت لخراب البلاد من قبل المغول، وبوصفٍ (لابن ثقري بردي) يقول فيه:(.. أما "الخوارزمية" فإنهم تغلبوا على عدة قلاع وعاثوا وخربوا البلاد، (..وكانوا شراً من التتار لا يعفون عن قتل ولا عن سبي ولا في قلوبهم رحمة) *- "3"( ابن ثغري بردي، النجوم الزاهرة).. وفي هجمتهم الشرسة على البلاد تغلبوا على مدن كثيرة منها مدينة "حران" وغيرها من الحواضر "الجزرية".. وبعد أن مهدت الخيانة العظمى لدخول واحتلال "بغداد" من قبل التتار سنة/1258/م، تقدم "المغول" غرباً واحتلوا الكثير من المدن العربية، وكانت "الرقة" واحدةً من تلك الحواضر، وقبل دخول القوات "المغولية" "للرقة"، كان الكثير من أهلها قد نزحوا إلى جهة الغرب، وقسم منهم نزح إلى مدينة "الرصافة"، التي هي الأخرى دفعت ثمناً كبيرأ.. وفي عام/1259/م دخلت قوات "التتار" مدينة "الرقة"، وقد رافق هذا الدخول تدمير كبير للمدينة، مما حدى بالسكان أن قاموا بدفن حاجاتهم الثمينة وأخفوها تحت أرضيات غرف نومهم، وفي الآبار، وفي اماكن لا يمكن كشفها، ففي نهاية العقد الأخير من القرن العشرين، عثرت دائرة آثار ومتاحف "الرقة" على مجموعة من العملة الذهبية خاصة في منطقة شارع"ابو الهيس" كانت مدفونة في خرائب "الرقة"، كما أننا صادرنا كمية كبيرة من العملة الذهبية، التي كان يتاجر بها تجار الآثار والحفارة السريين في "الرقة".. هذه الحاجيات دفنها أصحابها في بيوتهم، على أمل العودة بعد إنسحاب التتار، لكن قد خاب الأمل ببقاء "المغول" فترة طويلة، وبذلك لم تستطع الأجيال اللاحقة العودة إلى "الرقة".. ومن تاريخ تلك الفترة السوداء تحولت "الرقة" إلى أرض خراب، ومجموعة أطلال تسكنها الأفاعي والوحوش، لا أنيس فيها ولا جليس، وأصبحت منطقة "الرقة" والجوار تعاني من شح كبير في مقوماتها المعيشية، وخربت فيها الحياة الإقتصادية، مما أدى إلى صعوبة كبيرة في إعادة الحياة إلى "الرقة".. حتى زمن إعمارها في في منتصف القرن الثامن عشر ميلادي..
الباحث محمد العزو
تعليقات