وما أدري بمن تبدا المنايا ؟

أخذنا الرقة البيضاء لما/رأينا الشهر لوٌح بالهلال
وبعد مضي أربعة عقود من الزمن، خلال القرن الأول الهجري ظهر ثلاث أسماء من الشعراء في وقت واحد: أولهم الشاعر "الوليد بن عقبة"من فتيان "قريش"، ومن شعرائها الجهابذة، كان يلبس عباءة اللهو والمجون، وكان الأخ غير الشقيق للخليفة "عثمان بن عفان" لأمه، ولاه الخليفة "عثمان" "الكوفة" لمدة أربع سنوات بين سنتي/29-26/هجر، لكن بعد أن عرف الخليفة أنه يتعاطى شرب الخمر، عزله وحبسه، وبعد مقتل "عثمان" تحول"الوليد" إلى الجزيرة الفراتية، ولما عرف "الرقة" سكنها على "البليخ" إما في "الحمرات" او في "الرقة السمراء"، فعجبته "الرقة البيضاء" فسكنها ومات ودفن فيها على "البليخ" في مقبرة تل "زيدان" سنة/61/ هجر.. أما ثانيهم، هو "أبي زبيد الطائي"، واسمه "المنذر بن حرملة"، شاعر نديم معمر عاصر الجاهلية، وهو من مسيحيي قبيلة "طي"، وكان مقيما عند أخواله من "تغلب" بالجزيرة، وفي شطر طويل من حياته كان منادما "للوليد بن عقبة"، حين كان "الوليد" والياً على "الكوفة"، مات ودفن في "الرقة" على "البليخ"، إلى جانب قبر "الوليد" في مقبرة تل "زيدان" سنة/62/هجر.. وثالث هؤلاء الشعراء هو "عبيد الله بن قيس الرقيات" شاعر الزبيريين، وقد تحدثنا عنه مطولا في منشور سابق.. وبعد مرور قرن وربع القرن أو أكثر بقليل، كان ذلك في عام/190/ للهجرة قبل وفات الشاعر "أشجع السلمي"، حيث يروي صاحب "كتاب الأغاني" مصادفة عجيبة عن لسان إبن الشاعر "أشجع"، من أن الشاعر "أشجع" في ذات يوم مر مع أخويه "أحمد" و"يزيد" بقبر "الوليد بن عقبة"، وإلى جانبه كان قبر نديمه "أبي زبيد الطائي"، فوقفوا على القبرين، ووفقا لثقافة الناس آنذاك، جعلوا يتحدثون بحياتهم وأخبارهم، ويتذاكرون أحاديثهم، فأنشد "أشجع" وقال:
مررتُ على عظام أبي زبيدٍ/وقد لاحت ببلقعةٍ صَلُودِ
وكان له الوليدً نديمَ صدقٍ/ فنادم قبرهُ قبر َ الوليد
وما أدري بمن تبدأ المنايا/ بأحمدَ، أو بأشجعَ، أو بيزيدَ.
ويقول راوي الحكاية وهو كما أسلفنا ابن الشاعر "أشجع،":( فماتوا، والله، كما رتبهم أبي في الشعر، أولهم "عمي" أحمد، ثم "أبي" أشجع، ثم"عمي" يزيد).. رحم الله الجميع..
تعليقات