معركة تل الذيبات











يقول ساطع الحصري في كتابه البلاد العربية والدولة العثمانية
–ص132- 133
ايالة الرقة أو الرها :
تنقسم إلى 6 ألوية وتضم 31
زعامات وأيضا" 530 تيمار ومنها :
لواء جمًاسة : خاص أمير لوائه 122 و
255 آقجة الخيالة المفروضة عليه 51خيال
ويقول الدكتور فاضل بيات الأستاذ
في جامعة آل البيت بمدينة المفرق الأردن
في مقال منشور على جريدة الغد
الأردنية – 22- 12 -- 2007م - مقتبس عن كتاب الدولة العثمانية في المجال
العربي أن ولاية الرقة التي تشكلت عام 1586 م
( التي كانت ألويتها تتبع
في كل عصر لولاية ! لولاية العرب – ولاية ديار بكر – ولاية حلب )
وهي
تتألف من الألوية التالية :لواء بني ربيعة – لواء الرها , أورفة –
لواء
دير الرحبة – لواء براجيك -- لواء الخابور – لواء الجماسة
إن الدولة
العثمانية كانت تعين أمراء محليين في إدارة شؤون المناطق الآهلة بالسكان
العشائر ويتوارث الأمراء أبنائهم في قيادة الألوية المحلية بطريقة
(
الأوجاق لق ) ( وفي زماننا هذا الجيش الشعبي ) ويقوم هؤلاء الأمراء
بالتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة العثمانية من دفع للضرائب أو تقديم
وحدات عسكرية للجيش العثماني من ألويتهم في حال حاجة الدولة العثمانية
لجنود لتغطية حاجة الجبهات في الحروب العثماني في أوربا والسبب كان من كثرة
غزوات البدو لولاية الرقة لما تتمتع فيه من خيرات وموقع استراتيجي مابين
اسطنبول وبغداد وبلاد الشام واستمرت ولايتها من عام 1586 – إلى عام 1831
يوم دخل جيش محمد علي إلى سوريا بقيادة ابنه إبراهيم باشا بالحملة الموجهة
إلى بلاد الشام في 29 تشرين الأول 1831، إبراهيم باشا ابن محمد علي !
وقدرت
قوتها بحدود 30 ألف مقاتل مع عمارة حربية تقارب 35 سفينة حربية وسفن
إمداد، وتحركت القوات البرية باتجاه سيناء فبلغت العريش واحتلت خان يونس ثم
غزة ويافا (8 تشرين الثاني 1831) وفي 26 تشرين الثاني 1831م ضرب الحصار
على عكا بعد وصول العمارة الحربية المصرية. 0
لقد كانت عشيرة الجمًاسة
(البوظاهر ) في ولاية العرب الرقة ومركزها هو السبخة سنجق الجمًاسة ! محط
ثقة للسلطان العثماني وكانت تحرس خط الملاحة بنهر الفرات في نقل وحراسة
إمدادات الحبوب الى بغداد والبصرة ونقل سقراط فوزي من الأرشيف العثماني
بعنوان بغداد في القرن الثامن عشر طلب السلطان من واليه التنسيق مع عشيرة
الجمًاسة لتأمين الإمدادات عام 1772م

وكانت قبيلة الجمًاسة منتشرة
على ضفاف البليخ حتى قرية فاطسة الشركراك 40 كم شمال الرقة , وعلى سرير نهر
الفرات من السبخة ( سنجق الجمًاسة ) حتى مقص الرقة الحالي , وفي الجزيرة
من تخوم الرقة حتى قرية الكرامة , وكذلك هم في الحوايج 100كم غرب الرقة في
الجزيرة وفي الجرنية وشيخهم هناك الشيخ ظاهر الخضر الأول ! الذي غنت عليه
فتاة جابرية بقولها :
كل الفدن حلوها عيني على فدًانوا
يا سكته من
فضة غزلان يا ثيرانوا
وتزوجها ؟ وبسبب كثرة مواشيه وأغنامه انتقل من
قرية الحوائج الى جبل الجرنية وحفر بئر لايزال يحمل اسمه هناك ! أمًا تواجد
الجمًاسة في حلب قد كانوا ولا يزالون يشكلون القسم الشرقي لمدينة سفيرة مع
القرى المحاذية للمدينة !
وفي منطقة بقرية شريعة الغاب وقرية حمرة
جمًاسة ! وكذلك هم في سهل الروج من محافظة ادلب !
حدثت جائحة لوباء
الطاعون أو الكوليرا في عام 1885م أو في عام 1886م فمات الرجال ولم يبق
إلاً النساء الحوامل والأطفال الصغار وأمهاتهم !! بسبب مقاومة الجنسين
المرأة والطفل لتلك الجائحة بسبب المناعة الذاتية !!
وسيرة الشيخ سيد
البيبي الجمًاسة الظاهري التي كانت في فترة تواجد قوات محمد علي حاكم مصر
بقيادة ولده إبراهيم باشا الذي احتل سوريا عام 1831م وكان له قوة متقدمة
على ضفاف البليخ في موقع تل الذيبات على حدود القوات العثمانية المتمركزة
في قلعة أورفة وديار بكر 0
وله قصة مثيرة جديرة بأن تخلد بأكثر من عمل
أدبي وفني – حينما قام ومعه مجموعة من نشامى الجمًاسة بقتل أمير الهنادي
قائد جيش إبراهيم باشا في الجزيرة وتشتيت جيشه المتمركز مابين حزيمة وخنيز !
على ضفاف البليخ حينما تمادى ذلك الأمير وطلب هكشة أخت سيد ألبيبي بالقوة
!!!
فرد عليه سيد البيبي والنشاما الجماسة برد عنيف مزلزل شتت قواته
بين القبائل عدا القتلى التي تناثرت جثثهم على مسرح المعركة في تل الذيبات
!!!!
تفاصيل مروية من عدة مصادر عن رواة ثقاة منهم الحاج احمد المحمد
علي الجمًاسي الظاهري والحاج أحمد المحمد بن جرو وهو جاري ومن عشيرة
المجادمة الكريمة أم جدته أخت سيد البيبي والذي كان يروي تفاصيل دقيقة عن
المعركة كأنه عاينها واشترك فيها من كثرة ما تروي جدته تفاصيل عن تلك
المعركة المغيبة عن تاريخنا !
تفاصيل مروية عن المعركة
تمهيد
: جاء الهنادي الى تل الذيبات يجرون مدافعهم بواسطة البغال القوية
والثيران ونصبوا خيمهم في سفح التل الجنوبي وتحتهم سرير نهر البليخ المغطى
بأحراش من الزل وشجر الطرفاء والغرب , وعلى ضفاف النهر نما نبا الزل الشهير
بالرقة بكثافة , يتعذر على الإنسان ولوجه إلاً من له دراية في الزل ومسار
النهر !
وطبيعة الغزاة الهنادي وسيرتهم مع أهل الجزيرة عموما" ! والرقة
بالذات لم تكن محمودة فقد قاموا بالإغارة على الرعاة من الأغنام وعلى
قطعان الجواميس للفلاحين ! وتمادوا بأن وصلت الأمور الى العرض !!! وأعراض
البدو غالية عندهم كموروث عرفي أكثر مما هو واجب ديني للدفاع عنه بأغلى
ماعنده ألا وهي الروح !!!!
جاء الى نزل الجمًاسة شاب برفقة أخته الشابة
وهو من عشيرة الولدة هربا" من عيون ورجال قائد حملة إبراهيم باشا في الرقة
هذا مارواه لي الحاج أحمد الجرو !
وذلك لأنهم طلبوها وطلبوا شابة من
عشيرة الحمدون من بيت اللجي وطلبوا هكشة البيبي أخت الشيخ سيد البيبي !
وجمع
الشيخ سيد أركانه وهم وجهاء العشيرة ومن كان يعيش بكنفهم من عشائر
البوجابر والعجيل والمجادمة ! واتفقوا على مفاوضة أمير الهنادي بشأن هكشة
والبنات المطلوبات !
وذهب إليه الشيخ سيد وهو متنكر خشية عيون الهنادي
وجواسيسهم !
استقبله الأمير وتبادل معه الحديث وقال له أخيرا":
ان
هكشة مسنة وبشعة وأسنانها طويلة ومهملة نفسها وقبيحة لدرجة تعافها النفس
!!!
فرد أمير الهنادي بقوله أريدها ولو كانت عجوز رمة !!!
وحينما علم
الشيخ سيد بإصرار أمير الهنادي قال :
نحن لنا شيخ سننقل له رغبتك
وإصرارك على حصولك هكشة !
رد أمير الهنادي ما اسم شيخكم
قال الشيخ
سيد :
شيخنا اسمه هماش !
وكان الشيخ نوى الفاينة على الهنادي وهماش
بالتركي تعني الزل !!
رد أمير الهنادي بقوله :
معكم أسبوع لتلبية
طلبنا وبلغ سلامي ورغبتي لشيخكم هماش !!!
رجع الشيخ سيد الى مضاربه
واجتمع بوجوه عشيرته (أركانه )
وقرروا بالإجماع قتال الجيش المصري (
الهنادي ) حتى آخر نفس في العشيرة !
وبدأ التحضير لمباغتة القوة
العسكرية المصرية المتمركزة في تل الذيبات ! كانت سورية محتلة من قبلهم
بالكامل ومعسكرهم عبارة عن نقطة حشد وتجميع للقوات المصرية للانطلاق الى
الجنوب الشرقي لتركيا وبالذات قاطع عمليات ديار بكر وبراجيك الميناء النهري
الهام على نهر الفرات ! وكانت عينتاب واضنة واورفة قد سقطت في يد جيش
إبراهيم باشا وانفتح الطريق أمامه الى اسطنبول !
استعد سيد وقواته التي
تم انتقائهم من العشيرة ومن المتطوعين من عشيرة الحمدون وبقية العشائر
العجيل والبوجابر والمجادمة ولا يتجاوز عددهم ال70شخص مسلحين ببواريد
إبراهيمية وهي بنادق مصرية اشتروها من تجار السلاح وبنادق عثمانية اسمها
الحمر ومفردها حمرة !
على الأغلب السنة كانت 1835م وفيها حدثت المعركة !
كانت الحملة المصرية قوامها مأتي رجل مزودة بمدافع وهي نقطة حشد وتجميع
للقوات في تل الذيبات تبعد عن الرقة بحدود 35 كم شمالا" كما أسلفنا !
وقد
برع الجماسة وقتها في رسم خطة عسكرية محكمة الإتقان وتسمى بالعلم العسكري
في يومنا هذا ( بالإغارة ) فقد استطلعوا القوات المصرية لعدة أيام وكانوا
على مقدار عالي من الكفاءة الحربية كونهم خبراء متمرسين في صد ودحر غارات
البدو( الحنشل ) المتوالية وكانوا من قوام لواء مقاتل للدولة العثمانية حسب
الأرشيف العثماني العسكري وروايات المؤرخين أمثال ساطع الحصري وفاضل بيات
وغيرهم كما أسلفنا !!؟؟
وكانت الخطة حسب الروايات وواقع الحال في ذلك
العصر كما يلي :
1- أن يذهب سيد الى خيمة أمير الهنادي متنكرا" بلباس
أخته ويبدوا أن الوقت كان شتاء لأنه كان يلبس فروة ! وكانت الإشارة مابينه
وبين نشامى الجمًاسة هي قلب الفروة (وذهبت مثلا الى اليوم فيس أدبيات أهل
الرقة والجزيرة !!) أن يبدأو بإطلاق النار ليكثر الهرج بين الهنادي فيصل
بسهولة الى أميرهم وكان له ما أراد !
ووصل لخيمة الأمير ومسلح بطبنجة
(غدارة ) مسدس بدائي أخذه غنيمة من يهودي بعد أن قتله لأنه كان يثير الفتن
والقتل في الجزيرة ! وتلاقيا وجها لوجه عند باب الخيمة لأنه وصله نبأ وصول
هكشة البيبي !
ووضع سيد مسدسه على قلب أمير الهنادي وهو يقول : المنية
ولا الدنية !! خذها مني وأنا أخو هكشة وأطلق عليه النار فأرداه قتيلا "!!!
كثر
الهرج والمرج في مابين عناصر الحملة ! ودخل سيد الى داخل الخيمة وأكمل على
حرس الأمير وغنم بارودته وأسماها حمرة وهي ابراهيمة وليست عثمانية !
وان
كان من باعني إياها صادق فهي عندي تزين صدر مجلسي !!!
2- بعد تلقي
النشامى إشارة قلب الفروة بدؤوا بإطلاق النار على الأهداف المحددة والمرسوم
لهم حسب الخطة التي تدربوا عليها لمدة أسبوع ميدانيا" لأن حدود مضاربهم
بعد نهر البليخ وبنهم وبين الحملة المصرية النهر وشاطئه المغطى بنبات الزل
أو(هماش ) !
3- قطع جميع الطرق المؤدية الى طلب النجدة من القوة
العسكرية المصرية في أورفة وعينتاب !
4- استمرت الأعمال القتالية لمدة
أسبوع حسب رواية الحاج أحمد المحمد بن جرو من عشيرة المجادمة الكريمة وكانت
بنات الجمًاسة والعشائر المشاركة بالأعمال القتالية يسعفن الجرحى وإخلائهم
من مواقعهم ! بحملهم بسفائف على ظهورهنً !!! وكذلك كانت مهمتهنً حمل
الرصاص والبارود , لتزويد المقاتلين المتمركزين بنوجات
(حفر فردية )
مخفية ببراعة داخل الزل على تخوم النهر ! تم إحاطة المصريين بإحكام من جميع
الجوانب من خلال أعمال هندسية غاية في البراعة قياسا" مع عصرنا الحالي !!!
كونهم صيادين مهرة للغزلان ومختلف أنواع الطرائد وعلى رأسها الأسود
الفراتية وكانت الحكومة العثمانية تدفع ليرتين ذهب عن كل أسد يتم اصطياده
لتخليص الأهالي من خطره ! هذا ماروته الرحًالة الانكليزية آن بلانت برحلتها
الشهيرة الى سوريا وبالذات الرقة !
غنموا الكثير من الأموال والحيوانات
والعتاد العسكري وقتلوا الكثير منهم وفر البقية والتجئوا الى بقية العشائر
ولا تزال لهم أحفاد بين العشائر في الرقة يعرفون باسم الهنادي ومفردهم
هنداوي !!!
وغادرت الجمًاسة ومن معها نشامى العشائر من الحمدون
والبوجابر والعجيل والمجادمة الى سرير نهر الفرات واختفوا في أحراشه
الكثيفة !
يقول أجدادنا كتب البدو مجالسهم وتاريخهم محفوظ بعقولهم



تعليقات

المشاركات الشائعة